شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
أسماء الله وصفاته
31516 مشاهدة print word pdf
line-top
منهج أهل السنة في قدرة الله

وتوسط أهل السنة، ذكر شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية أن أهل السنة وسط في باب القضاء بين القدرية والجبرية، وذكر في كلامه على القدر أن أهل السنة يثبتون للعباد قدرة؛ ولكنها مسبوقة بقدرة الله تعالى، نعترف بأن ربنا سبحانه هو الذي أقدرنا، ولولا أنه أقدرنا ما قدرنا على أن نعمل ما نعمله سواء من أمور الدين أو من أمور الدنيا، وأنه الذي أقدر العباد على ما يقدرون عليه وعلى ما يعملونه؛ فهو الذي أعانهم وأقدرهم على أن اخترعوا هذه المخترعات، وعلى أن صنعوا هذه الصناعات، فهو الذي خلق أيديهم لتعمل بذلك، كما في قول الله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ وكذلك أخبر بأنه خالق كل شيء في آيتين من القرآن: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ كذلك يدخل في خلقه أفعال العباد، أي: أنه خالقها.
ولكن إذا علمنا بأنه أعطى العباد قدرة يزاولون بها الأعمال كانت قدرتهم داخلة في قدرة الله، ومشيئتهم مسبوقة بمشيئة الخالق سبحانه، فمن الآيات التي ترد على الطائفتين؛ على المعتزلة وعلى الجبرية قول الله تعالى: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ أثبت للإنسان مشيئة فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ثم قال: وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فقوله: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ قد يستدل بها المعتزلة على أن الإنسان هو الذي يشاء باختياره، وقوله: وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قد يستدل بها الجبرية على أنه لا أحد يذكر إلا إذا أذكره الله، وفي ذلك دليل على الجمع بين القولين فنقول: إن الله أثبت مشيئة ثم أثبت أن تلك المشيئة مرتبطة بمشيئة الله تعالى؛ فدل على أن للعباد قدرة على أفعالهم، ولهم إرادة. والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، وبتلك القدرة التي منحهم الله تعالى تضاف إليهم أعمالهم؛ فالعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم.
وللعباد قدرة على أفعالهم، ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم. فهذه الصفة غالت فيها هاتان الطائفتان؛ فنرد على المعتزلة الذين نفوا قدرة الله ونقول: إنكم تنقصتم قدرة الخالق ووصفتموه بالعجز. ونرد أيضا على الآخرين الجبرية ونقول: إنكم طعنتم في حكمة الله وأبطلتم شرعه؛ حيث عذرتم العصاة في معاصيهم، وحيث جعلتم لكل أحد أن يعصي وهو معذور، وادعيتم أن العبد ليس له أي اختيار. هذا قول فيه إبطال الشريعة؛ يعني القول بأن العباد مسلوبون القدرة ومسلوبون الاختيار وليس لهم أي تصرف لا شك أن فيه إبطالا للشريعة.
والحق هو الوسط، وهو أن الإنسان أعطاه الله تعالى قوة وقدرة، وجعل له همة وجعل له استطاعة، فتنسب إليه أفعاله، فيقول الله تعالى: وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ أثبت أنها تحمل وأنها تضع، وكذلك ينسب الأعمال إلى العاملين فيقول تعالى: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فأثبت أنهم يكسبون، ويقول تعالى: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ أثبت أن يديه قدمت عملا، ويقول تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا فأثبت أنها عملت خيرا وأنها عملت شرا، وأنها تجد ذلك، فذلك دليل على أن للعباد قدرة، وكذلك يجازيهم الله تعالى بأعمالهم فيقول تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ أسلفتم يعني: قدمتم من الأعمال هذا جزاؤكم على ما عملتم، وكذلك يجازى الكافرون على أعمالهم كما في قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ أثبت أنهم مجرمون، أنهم مذنبون وأن ذنبهم يسمى جرما، ونسبه إليهم. ولو كان الله تعالى هو الذي أضلهم فإنه أضلهم بحكمة، علم هؤلاء أنهم ليسوا أهلا للهداية فخذلهم، وسلط عليهم أعداءهم حتى أضلوهم؛ فلا يجوز الاحتجاج بالقدر.

line-bottom